ادعمنا

الإثنية السلبية - Negative Ethnicity

يعتبر التنوع الإثني من أهم الظواهر الإنسانية التي تتشاركها عدد من المجتمعات، حيث ينتشر في العالم قرابة 8000 إثنية، في إفريقيا وحدها 2200 إثنية، وفي آسيا 2000 إثنية. إن هذا التنوع ليس أمراً سيئا في طبيعته، بل هو شيء محايد يصف الخصوصية العرقية، رغم هذا فإن الإثنية - حسب الباحثين - أصبحت تشكل تهديداً للاستقرار السياسي لكثير من دول العالم، وقد اصطُلح على تسميتها ب الإثنية السلبية Negative Ethnicity .

وانطلاقا منه ستحاول هذه الدراسة تسليط الضوء على ظاهرة الإثنية السلبية وفهم أهم العوامل المساهمة في ظهورها وآثارها.

 

مفهوم الإثنية السلبية:

1- تعريف الإثنية :

يعرّف قاموس أوكسفورد للسياسة الأفريقية Oxford Dictionary Of African Politics الإثنية بأنها: " شعور مشترك بالانتماء إلى مجموعة عرقية لها ثقافة مشتركة، تراث مشترك وتدعمها لغة مشتركة".

كما عرّفها عالم الاجتماع البريطاني انطوني سميث ANTHONY SMITH بأنها: "مجموعة من السكان لها أسطورة الأصل المشترك، وتتقاسم ذكريات تاريخية ولها عناصر ثقافية ومرتبطة بإقليم خاص ومتضامنة".

وهناك من يرى أن مصطلح إثنية (عرقية) "ETHNICITY " تعني أناس أو قـوم، وتـدل على الرمز والشعار للفرد وهي عبارة عن التراث الثقافي الذي يرثه الفرد عن المجموعة الإثنية التي ينتمي إليه.

مما ذكر سابقاً يمكن القول إن الإثنية تمثل مجموعة من الأشخاص الذين يقبلون ويعرفون أنفسهم من خلال الوعي بالنسب أو الأصل المشترك والذكريات التاريخية والروابط المشتركة.

2- تعريف الإثنية السلبية:

يعرّف قاموس أوكسفورد للسياسة الأفريقية Oxford Dictionary Of African Politics الإثنية السلبية بأنها: " مصطلح يستخدم غالبا في أجزاء من أفريقيا الناطقة بالإنجليزية للإشارة للتلاعب بالهويات العرقية من أجل المصالح الشخصية أو السياسية الضيقة، في كثير من الأحيان مع عواقب وخيمة بما في ذلك عدم الاستقرار السياسي والتطهير العرقي. وهو مشابه جداً للقبَلية السياسية."

وقد شاع المصطلح بداية في شرق أفريقيا من طرف سياسي كيني معروف كويجي واموير_ KOIGI WA WAMWERE الذي ألّف كتابا حوله بعنوان "الإثنية السلبية" NEGATIVE ETHNICITY".

حيث يرى KOIGI WA WAMWERE أن الإثنية السلبية تظهر عندما تبدأ جماعة بالتخيل بأنها أحسن وأفضل (شعور الفوقية) من جماعات أخرى بسبب الديانة، الأكل، اللغة، العادات،الثقافة، الأغاني .... ، إضافة إلى مشاعر عدم الثقة والاحتقار حيث يؤدي التفوق العرقي المفترض إلى الإثنية السلبية.

 وهناك من يرى أن أيديولوجية الإثنية السلبية هي عقلية تدّعي أن بعض المجتمعات العرقية متفوقة وتستحق المزيد من الموارد، في حين أن البعض الآخر أقل شأناً ويستحق موارد أقل.

حيث تتمثل الوظيفة الرئيسية للإثنية السلبية في ربط الأفراد بجماعتهم من خلال جعلهم يتنافسون مع جماعات أخرى، لكن هدفها النهائي هو القضاء على الآخرين ثقافياً وسياسياً وفي النهاية جسدياً.

وقد نظر ديفيدسون Davidson إلى الإثنية كقوة سلبية مدمّرة تماماً للمجتمع المدني، كما أنها تقوّض سيادة القانون.

خلاصة ما قيل سابقا فإن الإثنية السلبية بشكل عام هي ذلك النوع المستخدم لإيذاء وإحباط وتحقير مجموعة إثنية ضد أخرى؛ والذي يحدث عندما تنخرط مجموعة عرقية في منافسة مع مجموعة عرقية أخرى بهدف إما قمع الآخرين أو رسم الصورة الخاطئة عن الآخر من خلال التنميط، أو التمييز، أو التجاهل، أو الإقصاء والتهميش.

 

العوامل المساهمة في الإثنية السلبية:

يرى كويجي واموير KOIGI WA WAMWERE أن قوة الإثنية يجب أن تفهم على أنها منتج طويل الأجل لعدد من العوامل، بما في ذلك الفقر والبطالة، نظام التعليم وإرث الإستعمار.

وفيما يلي بعض العوامل المساهمة في الإثنية السلبية:

1- التعصب الإثني (العرقي) Ethnocentrism: النزعة العرقية جيدة وسيئة في نفس الوقت. غالبًا ما يعمل بطريقة إيجابية لتعزيز إيمان المجتمع بقيمته. لكن المركزية العرقية سلبية بشكل عام. هذا هو الوضع الذي تعتقد فيه ثقافة واحدة أنها متفوقة من حيث معاييرها وقيمها. من المحتم أن تكون كل الثقافات متمركزة حول العرق لأنها تنظر وتحكم على كل الأشياء من وجهة نظر ثقافتها.

2- الأحكام العرقية الخاطئة Ethnical Misjudgments: يحدث هذا عندما تصدر مجموعة إثنية أحكاماً خاطئة على مجموعة إثنية أخرى.

3- تسييس الإثنية: (Politicized Ethnicity) يؤدي تسسيس الإثنية إلى شكوك عميقة الجذور وانعدام الثقة بين الأفراد،كما يؤدي في بعض الأحيان إلى انتشار العنف وانعدام الأمن.

وقد استغلت مختلف النخب السياسية الجماعات الاثنية لتحقيق مصالحها الشخصية.

4- المؤسسات الضعيفة والهشة: فالمؤسسات الضعيفة هي مراكز للمحسوبية والفساد والتي تقسّم الناس على أسس وروابط عرقية، لذلك يفقد الناس الثقة في مؤسسات الدولة.

5- استراتيجية الاقصاء: وذلك من خلال انتهاج أساليب الإبادة الجماعية والترحيل القسري، والتقسيم أو الفصل، أو الإدماج.

 

آثار ونتائج الإثنية السلبية:

تؤدي الإثنية السلبية إلى التهميش وعدم الثقة وتزيد من العنف والتوترات العرقية؛ وهذا يؤدي في النهاية إلى صراعات ونزاعات ومجازر تهدد أمن واستقرار الدول.

في الختام فإن الإثنية السلبية تعدّ مشكلة حقيقية، ظهرت نتاج التراكمات التاريخية الاستعمارية في الماضي وطبيعة القيادات السياسية في الحاضر، الأمر الذي يستلزم اتخاذ إجراءات جدّية لمواجهتها والتقليل من حدّتها. وقد قدّم الباحثون مجموعة من التوصيات أهمها: اعتماد استراتيجية التسوية وإدارة التعدد بحكمة وانصاف، إضافة إلى التعاون مع منظمات المجتمع المدني لتوعية الأفراد بخطورة الظاهرة وآثارها المدمّرة.

 

 

المصادر والمراجع:

إيدابير أحمد، التعددية الإثنية والأمن المجتمعي : دراسة حالة مالي، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجيستير،( جامعة الجزائر 03:كلية العلوم السياسية والإعلام،2011)، تاريخ آخر دخول11/11/2021.

بشير شايب، مفهوم الأقلية والإثنية، تاريخ آخر دخول31/10/2021.

فرقاني فتيحة، تأثير التعدد الإثني في الاستقرار السياسي الأمني في شمال إفريقيا: دراسة حالة التوارق في مالي إثر الحرب ،تاريخ آخر دخول2/11/2021 

Jasper Edward Nyaura,Devolved Ethnicity in the Kenya: Social ,Economic and Political Perspective, retrieved 28/10/2021.

KOIGI WA WAMWERE, Negative Ethnicity:from bias to genocide,2003, retrieved 27/10/2021.

Matasa M Ibrahim, Negative Ethnicity, retrieved 12/10/2021.

Nic Cheeseman, Eloïse Bertrand, Sa'eed Husaini, Oxford Dictionary OF African Politics,retrieved 10/11/2021.

Robert Waihenya Ngugi, Factors Contributing to Negative Ethnicity in Church: A Review in Presbyterian Church of East Africa Context, retrieved 10/11/2021.

 

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2024 .Copyright © Political Encyclopedia